الأحد، 24 فبراير 2008

بين اليابان.... و شق الثعبان

بين اليابان و شق الثعبان :

تأثراً بثقافة المسابقات المنتشرة فى معظم الفضايات العربية و التى تعدك بأن تحقق احلامك و تحصد الملاين ,
ثم اذا بك تخسر نقودك مع احلامك و يحقق القائمون على الفضائية احلامهم و يحصود هم الملاين من خلال اتصالات المساكين الطامعين فى الثروة التى تهبط من السماء .
اذا قمنا و وضعنا صورة طوكيو عاصمة اليابان و أخرى لمنطقة ( شق الثعبان ) -المعروفة بتصدير الرخام للصين و بعض الاماكن-هل يمكننا المقارنة؟

لقد تعودنا فى مجلات المسابقات و التسالى أن يعرض صورتين متشابهتين ( تقريباً) و يطلب ايجاد عدد الفروق بين الصورتين ( مثلا : 3أو 5أو 7) .

اليابان تصدر تكنولوجيا عالية جدا (خاصة بما يسمى بحرب النجوم و تكنولوجيا الفضاءو شرائح توجية الصوارخ الباليستية ,و التكنولوجيات متطورة ....الخ ) و شق الثعبان: تقطع احجار الرخام تمهيدا لتصدير الرخام الخام إلى الصين, (والذى نعود و نستورده بعد التصنيع و المعالجة), - هى رغم كل ذلك تحسب منطقة جيدة , على الاقل منتجة و تخرج منها بعض الاستثمارات- .

نحن فقط تعودنا أن نبيع ما هبه الله لنا من ثروات , دون ان نبذل الجهد المطلوب لاستثماره و استغلاله :فكما نبيع الرخام كتل حجرية للصين , نبيع الرمال النقية بدلا من الزجاج
نبيع البترول ونبيع الغاز الذى هو حق اجيال قادمة قد لا تجد لا بترول و لا غاز .

نبيع القطاع العام .....
نحن نبيع كل شيى الشركات الناجحة و الخاسرة و حتى الآثار المهربة .
لقد بعنا الماضى و الحاضر و نحاول بيع المستقبل ,


نبيع كل شئ بدراهم معدودة ,و لا اظننا من الزاهدين , بل من المقصرين

الفرق بين الصورتين هو الفرق بين الدقة و الاتقان و العلم و العمل الئوب , وبين الفهلوة و الاهمال و العمل 12 دقيقة فى اليوم ,

بين ثقافة و تحمل المسؤلية و اعتبار الاتقان قيمة بحد ذاته و اساس من اسس الحياة و عدم تقبل الاخطاء ( من يخطئ من الشرف له, أن يقتل نفسه ( مبدأ الهارى كارى ),
وبين من يفسد بعمله و يخطئ عن عمد أو بدون , لا يخشى حسيب أو رقيب , يفسد مدارس , جامعات , وزارات ,و بنوك , و شركات تفلس وبنفس الادارة عشرات السنين ,


لدينا بشر لديهم قدرة عجيبة على الافساد حتى انهم يفسدون الماء و الهواء ,
و مع ذلك لايحمل قاموسهم معنى لكلمة التنحى أو الاستقالة فضلا عن الاعتراف بالفشل الذى يشهد عليه القاصى و الدانى و الانس و الجان ,
بل قد يكافؤا بمناصب اكبر وارفع تتيح لهم افساد اكثر و اكثر.
هناك باليابان رؤساء وزارات استقالوا , بعضهم انتحر عندما اخطئوا , نحن اما اننا لدينا من لا يخطئوا , ام اننا لا نحس باى الم تجاه الخطأ.
بصراحة هل توجد فروق اكثر من الفروقات السبع التى تعودنا عليها فى المسابقات؟

الفروق التى نراها بين الصورتين قد نظنها : فروق بين كوكب و كوكب آخر ,
أو بين جزء من الالفية الثالثة و بين جزء من الارض يشك فى انتسابه للالفية الثانية اصلا.


  • هذا اذا تحلينا بالموضوعية بعيداً عن أن ( مصر هى أمى و نيلها جوه دمى) و اذا كنا اقررنا صحة مقولة :(ان مصر- بوضعها الحالى - هى أم الدنيا , اذا لتوجب علينا أن نحدد موقع (باريس ) من الاعراب).



    اذا تأملنا قليلا بصورة اعمق الفروق الحقيقية بيننا و بينهم :ليست فى انهم يملكون قطارا سريعا ,و اننا لدينا قطارات تخرج عن المسار.
  • هم يقرون الاتقان والعمل كقيمة ( قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون).
  • هم لديهم مسئولون يحاسبون اذا اخطئوا يستقيلون او يقالون , ونحن لا نحاسب الا الضعفاء.
  • إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن... ( حكمة..)
    و عليه وجب علينا معاقبة المخطئ , ومكافئة المجتهد.
    و نحن لدينا من لا يخافون من السلطان ( لانه لا يوجد من يسألهم ) فضلا عن انهم اصلا لا يخافون من ايات القرآن.


    • هم يجبرون الموظفون على اخذ الاجازة ( من كثر حب الموظفين للعمل ) و نحن لا نستطيع أن نقنع موظفينا بالعمل جزء من ساعات العمل ( سياسة نعمل على قدر فلوسهم) فالموظف يُسرق حقه فى المعاش المتدنى و هو يسرق فى عمله بانه لا يعمل .
    • كل شيئ عندهم منضبط و يعمل بالكمبيوتر و نحن نعشق عدم الانضباط رغم اننا استوردنا الكمبيوتر ( لزوم الشات والالعاب و .. خلافه).

    اذا أنشئنا بنايات ضخمة, تحتوى على احدث اجهزة الكمبيوتر ,ثم اجلسنا فيها نفس (موظف السجل المدنى و بنفس العقلية ) لن يجعلنا ذلك مثل اليابان ,إن العقلية التى جلبت المرض و تسببت فى كل الكوارث , لا يمكن أن يأتى منها الحل ما لم تتغير.



    • اليابان تجلس كل مجموعة من الاطفال بالمدرسة على طاولات, تشكل مجموعات حتى تبث فيهم روح التعاون ,و درجات الطالب الدراسية تتأثر بمدى مقدرته مساعدة زملاؤه على الفهم و التفوق ,
    • ان مهمة المديرهناك أن يزيل الاتربة من طريق فريقه عمله ,حتى يستطيع العملون الابداع,
    ونحن نضع الاتربة فوق من يحاول العمل الجاد حتى ندفنه مع حلمه,
    حتى يظل كل شيى نابع من توجيهات المدير الملهم ( شخبطة ولاد حضرتك , تخطيط لمستقبل حياتنا).
    • الفروق اكثر من أن تحصى؟.

    لقد قيل:انتبه لافكارك لانها ستصبح افعالك,

    انتبه لافعالك لانها ستصبح سلوكك,

    انتبه لسلوكك لانه سيحدد مصيرك
    .


    و هذا هو بيت القصيد

    ليس صحيح ان مشكلتنا انهيار العمارات و الطرق و القطارات و الصناعة و التجارة و الزراعة و تلوث الماء و الهواء و الارض و السماء ......الخ الخ ,

    هذا كله العرض و ليس المرض.

    لقد حدث قبل ذلك كله انهيار فى القيم هو الذى ادى لكل ما ذكرنا .


    الفرق بيننا و بينهم هو فى القيمة التى تحكم العمل و التعامل- لقد فعلوا قيمة (الاتقان و التحسين المستمر) و نحن نحينا كل القيم جانبا و رفعنا قيما اخرى و طرق للتعامل من ابدعاتنا ,

    اليابانين يعتمدون على ثلاث كلمات : التحية :لكل من تقابله - الشكر :لكل من ادى لك خدمة - و التحسين المستمر:لكل عمل تؤديه.

    أى عمل اديته امس عليك أن تحاول اليوم ان تأديه بشكل افضل و هاكذا.

    لا
    يمكن لحضارة ترفع قيمة الاتقان أن تقارن مع حضارة ترفع قيمة الفهلوة و تخفض من قيمة العمل الجاد.لا يمكن لثقافة تجعل الفشل خطيئة تستحق أن يقتل فاعلها نفسه ( الهارى كارى )
    تقر عدم معاقبة المخطئ , و الذى هو رفع لقيمة الفشل و حط من قيمة النجاح و العدل.
    اننا جعلنا اختراق كافة القوانين و النظم هى الثقافة السائدة العامة.

    ان بناء اليابان بعد الحرب العالمية و الانهيار بالقنابل الذرية قام على يد مؤسس لقوانين ضبط الجودة.


    و كذلك نهضة ماليزيا فى عشر سنوات جاءت, اساسا كنتيجة لنقلة نوعية و تحسن التعليم ( العلم و القيم).

    إن ( شارل ديجول ) بعد رأي الدمار الذى حل بفرنسا بعد الحرب العالمية 
    سأل : ماذا عن التعليم و القضاء ؟ قالوا له بخير , قال : اذا نبدأ البناء.

    علينا أن نسأل انفسنا : ماذا نعلم ابنائنا و أى قيمة نعلمهم فى المدرسة ومن المجتمع ؟.

    قبل ان نسأل عن التقدم و التكنولوجيا ...علينا ان نسأل اى اخلاق و مبادئ و قيم تحكمهم و تحكمنا ..
    لدينا قيم عظيمة على احسن تقدير نحفظها و لا نطبقا ......
    الفرق فى القيم و الافكار ...علينا اعادة برمجة الجهاز ليعمل بطريقة صحية و لا ستظل كل نتائجة خاطئة 
    ....هنا اليابان....
    -----

    هناك تعليق واحد:

    1. غير معرف31 مارس, 2009

      الكلام ده كويس جدا وكتير من الناس عرفاه ويمكن المسولين فى مصر عرفينه بس مافى حد عايز يتحرك من مكانه ويقول يلا نغير من وضعنا خايز نكون احسن

      ردحذف

    تعليقك يهمنى ( فضلا لا أمراً اترك تعليق)