الاثنين، 14 أبريل 2008

المرعى اخضر و لكن العنزة مريضة

قرات مقالة للدكتور / عائض القرنى ( اثناء رحلة علاج له فى باريس ) يقارن بين اخلاق و تصرفات انسانية تنبع من اسلوب حضارى وبين ادعاء التدين دون التأثر بخلاق الدين
انها ) تضع اليد على الجرح الموجود فى واقع المسلمين بين اخلاق المسلمين و تصرفاتهم الفعلية و بين حقيقة الدين و جوهره:
اترككم مع مقالة الشخ د/ عائض القرنى و هى لا تحتاج الى تعليق اكثر من حاجتها إلى تطبيق:


أكتب هذه المقالة من باريس في رحلة علاج الركبتين وأخشى أن أتهم بميلي إلى الغرب وأنا أكتبُ عنهم شهادة حق وإنصاف،
و والله إن غبار حذاء محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) أحبُ إليّ من أميركا وأوروبا مجتمِعَتين. ولكن الاعتراف بحسنات الآخرين منهج قرآني، يقول تعالى: «ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة»،

وقد أقمت في باريس أراجع الأطباء وأدخل المكتبات وأشاهد الناس وأنظر إلى تعاملهم فأجد رقة الحضارة، وتهذيب الطباع، ولطف المشاعر، وحفاوة اللقاء، حسن التأدب مع الآخر،
أصوات هادئة، حياة منظمة، التزام بالمواعيد، ترتيب في شؤون الحياة،

أما نحن العرب فقد سبقني ابن خلدون لوصفنا بالتوحش والغلظة،
وأنا أفخر بأني عربي؛ لأن القرآن عربي والنبي عربي، ولولا أن الوحي هذّب أتباعه لبقينا في مراتع هبل واللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى. ولكننا لم نز نحن العرب من الجفاء والقسوة بقدر ابتعادنا عن الشرع المطهر،

نحن مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله، فبعض المشايخ وطلبة العلم وأنا منهم جفاة في الخُلُق، وتصحّر في النفوس، حتى إن بعض العلماء إذا سألته أكفهرَّ وعبس وبسر،

الجندي يمارس عمله بقسوة ويختال ببدلته على الناس،
من الأزواج زوج شجاع مهيب وأسدٌ هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء،
من الزوجات زوجة عقرب تلدغ وحيّة تسعى،
من المسؤولين من يحمل بين جنبيه نفس النمرود بن كنعان كِبراً وخيلاء حتى إنه إذا سلّم على الناس يرى أن الجميل له، وإذا جلس معهم أدى ذلك تفضلاً وتكرماً منه،
الشرطي صاحب عبارات مؤذية، الأستاذ جافٍ مع طلابه،

فنحن بحاجة لمعهد لتدريب الناس على حسن الخُلُق وبحاجة لمؤسسة لتخريج مسؤولين يحملون الرقة والرحمة والتواضع، وبحاجة لمركز لتدريس العسكر اللياقة مع الناس، وبحاجة لكلية لتعليم الأزواج والزوجات فن الحياة الزوجية.
المجتمع عندنا يحتاج إلى تطبيق صارم وصادق للشريعة لنخرج من القسوة والجفاء الذي ظهر على وجوهنا وتعاملنا.

في البلاد العربية يلقاك غالب العرب بوجوه عليها غبرة ترهقها قترة، من حزن وكِبر وطفشٍ وزهق ونزق وقلق، ضقنا بأنفسنا وبالناس وبالحياة، لذلك تجد في غالب سياراتنا عُصي وهراوات لوقت الحاجة وساعة المنازلة والاختلاف مع الآخرين، وهذا الحكم وافقني عليه من رافقني من الدعاة،

وكلما قلت: ما السبب؟ قالوا: الحضارة ترقق الطباع، نسأل الرجل الفرنسي عن الطريق ونحن في سيارتنا فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لك الطريق وأنت جالس في سيارتك، نمشي في الشارع والأمطار تهطل علينا فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا، نزدحم عند دخول الفندق أو المستشفى فيؤثرونك مع كلمة التأسف،

أجد كثيراً من الأحاديث النبوية تُطبَّق هنا، احترام متبادل عبارات راقية، أساليب حضارية في التعامل، بينما تجد أبناء يعرب إذا غضبوا لعنوا وشتموا وأقذعوا وأفحشوا،
أين منهج القرآن: «وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن»،
«وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما»،
«فاصفح الصفح الجميل»،
«ولا تصعّر خدّك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير».
وفي الحديث: «الراحمون يرحمهم الرحمن»،
و«المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»،
و«لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا».
عندنا شريعة ربّانيّة مباركة لكن التطبيق ضعيف، يقول عالم هندي: (المرعى أخضر ولكن العنز مريضة).

بارك الله لنا فى امثالك يا دكتور و رد المسلمين إلى حقيقة الدين مردا جميل , لا نريد ان تزيد مظاهر التدين و يقل الدين الحقيقى ,
تصرفاتنا و اخلاقنا و تعاملاتنا تجعلنا نبدو لانفسنا و للآخرين اقل تحضرا,
ليس لاننا نفتقر إلى مقومات الحضارة, لكننا لم نأخذ على محمل الجد عمق الدين ,و اتباط الاخلاق بالدين و كونها كجزء لا يتجزء من ثوابته)
إلى هنا انتهى كلام الدكتور عائض القرنى لكنها نفس الفكرة التى مازال يكررها الشيخ الغزالى فى كثير من كتاباته,।
هناك فكرة عرضها الشيخ الغزالى للفرق بين واقعنا وواقع الغرب:
الشيخ الغزالى ( رحمه الله ) كان فى احدى المرات قد قسم الذنوب إلى :
  1. ذنوب جوارح ( الزنا و شرب الخمر...الخ ) .
  2. ذنوب القلوب ( الكبر, اذدراء الآخرين ,بطر الحق, الحسد , الغيبة و النميمة , الكبر.......الخ.)
هو فى رأيه أن ذنوب القلوب ( و هى المنتشرة عندنا ) اعظم خطراً على المجتمعات من ذنوب الجوارح ( المنتشرة بالغرب ) , لان ذنوب الجوارح -رغم عظمها و خطورتها - ضررها يعود بشكل مباشر على مقترفها , فى حين أن ذنوب القلوب ( الحسد و الغل ) تمتد كالنار التى تمس المجتمع باكمله.
(الكبر هو بطرالحق و غمط الناس) - رفض الحق و احتقار الناس, لذا كان سبب كافى لحجب مرتكبه عن الجنة حتى يتوب,
بعض الناس يرى ان فى اعتدائه على حقوق الاخرين محاولة لنيل نصيب اكبر من السعادة ,فى حين أن و احساسنا يالسعادة على قدر مقدرتنا على اسعاد الاخرين و التخفيف من آلامهم , لا ان نكون نحن سببا فى الم جديد لاى مخلوق.
لا نريد أن :يزيد الحجاب ,والحج و العمرة و اللحية و ....الخ , و يقل التسامح و الرحمة و الحلم و العفو و اغاثة الملهوف...
يجب أن نرى اثر التدين رحمة فى القلوب و رافة بالضعيف و المخطئ بغير عمد و رقة فى التعامل و تسامح و دماثة فى الاخلاق ,
إن خير الناس انفعهم للناس كما اخبرنا الرسول ( ص)و اخبرنا كذلك :أن اقربنا إلى الرسول ( ص) مجلسنا احاسننا اخلاقا , الموطئون اكنافا الذين الذين يألفون و يؤلفون.