الجمعة، 6 يناير 2012

من اجل خمسة اشبار


من أجل  خمسة اشبار:


فى مقدمة كتاب للكاتب الكبير انيس منصور يعلق فيها على فكرة : ان الانسان يولد و طوله فى حدود ثلاثة اشبار
و يموت و طوله فى حدود ثمانية اشبار
و يتسال هل كل هذا العناء من اجل خمسة اشبار؟
احيانا نكتشف ان ما سعينا إليه جاهدين و خطونا إليه قاصدين لا يستحق و لا يساوى كل هذا العناء و لا
 يستحق مجرد التفكير فيه.

كثيرون منا من يربط تحقق سعادة بحدوث شيئ معين ( غالبا مادى ) مثل امتلاك سيارة – شقة –
 وظيفة – منصب  أو حتى قدوم فصل معين ( الصيف – الاجازة ...الخ )
و يحقق الشرط و قد تتحق السعادة للحظات , لكنها ليست ما توقعناه
وتكون الصدمة  كيف اننا حققنا ما سعينا اليه و لكننا لم نحق السعادة التى كنا نتوقعها؟

هناك حقيقتان : اولهما ان تأجيل السعادة مقامرة لان ما نملكه هو اللحظة الحالية لا امس و لا الغد مملوك و قد لا يأتى وان ما يمر هو عمرنا و السعادة تأتى من اللحظة الحالية و محاولة الاستمتاع بما تحمله لنا :
منظر جميلة – صحبة اصدقاء – التفاف الابناء – قرب مما تحب – انجاز شيئ فى العمل – جلسة للصلاة – او حتى الشعور بالعافية من سوء
فى كتاب ( الهدية ) رسالة بهذا المعنى الهدية هى اللحظة الحالية و تأجيل السعادة هو استنزاف للحظات العمر ؟

 اما الحقيقة الأخرى  التى قد نجهلها هى اننا اذا حدث معنا ذلك , فإنها النتيجة الطبيعية لاننا لا نعيش احلامنا نحن ,
اننا دون ان نشعر نعيش احلام اخرين و بالتالى ما نحققه ليس بالضرورة احلامنا , لا هو متفق مع قيمنا .
قد تحاول ان تكون تدرس و تعمل فى مهنة معينة  لان المجتمع و  من حولك يريدون ذلك , و قد يكون ذلك غير متفق مع مواهبك و ميولك ,

ان الكاتب المبدع ( ستيفن كوفى ) فى كتابه ( ادارة الاولويات) قد تكلم عن ان هناك ادارة الاولويات, اننا يجب ان تتحكم فينا البوصلة وليست الساعة , فالبوصلة توجههنا لما يتفق مع قيمنا , ما نريده لا ما يراد لنا ,
قد تكون اخترت عملك و بيتك و المنطقة التى تعيش فيها ....الخ , هل برغبة كاملة منك , ام بتأثير من حولك , او لتحقيق صورة ليست بالضرورة تمثلك انت ,
( نسعى جاهدين للحصول على او تحقيق شيئ معين ) ثم نكتشف اننا لسنا سعداء .لماذا اخترنا ما نحن فيه ,
إن من يرفع طرف العصا فانه بالضرورة يرفع الطرف الآخر ؟

ان اختيارتنا لها مسؤليات و تبعات لا بد من تحملها كاملة و لهذا لا يمكن ان نتهاون فيها و نحياها كما يرد لنا
فالبداية اذن أن نعرف ما هى احلامنا النابعة من قيمنا حتى لا نسير فى اتجاه لا نريده اذن البوصلة اولا
 , ان نكون انفسنا 

– غير ان وقعنا العربى يفرض علينا كثيرا من القيود فى ذلك ( لا نملك بسهولة رفاهية تغير ميدان العمل لمجرد انه لا يتفق مع جوهرنا و امنياتنا و اهتماماتنا.

و بالتالى علينا تحديد اهدافنا التى تتفق مع قيمنا و بذلك نكون قد وجهنا البوصلة للاتجاه الصحيح , حينها لن تكون معاناتنا فى الحياة فقط من اجل خمسة اشبار بل من اجل قيمة وهدف

حياتنا اثمن من نضيع دقائقها و ثوانيها دون ان نصنع السعادة لانفسنا و لكل من حولنا.